بعد أن صَلَّيْتُ فجري، قرأتُ آياتٍ من القرآنِ الكريم، أدفأتُ بها روحي المرتعدةَ والمرتجفةَ من هول الأحداثِ وفظاعةِ القتلِ الّذي ينزل بأهل سوريّة الحبيبة. ثمّ التفتّ يُمنةً ويسرةً وأنا بين الكتب – أعظم ما أنتجه العقل الإنسانيّ – فوقعت عيناي على كتابٍ ثمينٍ لكاتبه “ريتشارد تارناس”: “آلام العقل الغربيّ – فهم الأفكار الّتي قامت بصياغة نظرتنا إلى العالم”، وهو من ترجمة الأستاذ “فاضل جتكر”.
فأخذت أقرأ فيه وأنا أستمتع بفنجان قهوتي الّذي تفوح منه رائحة الهيل والمسكة. غير أنّي ابتهجت وهزّني الطّرب والفرح فابتسمت ضاحكاً حين رأيت أن أفلاطون كان يعتقد أنّ “الرّؤية الفلسفيّة الأسمى لا يمكن أن تكون إلّا لمن توافر فيه مزاج عاشق”.
وعلى ضوء هذه الفكرة، أخذت أسترجع وأستذكر شعر العشّاق العرب من المتصوّفة وغيرهم، فما رأيت إلّأ أنّهم فلاسفة امتلكوا الرّؤية الفلسفيّة الأسمى بمزاجهم العاشق. ولكم تمنيّت لو يتحقّق الباحثون والدّارسون من من مصداقيّة هذه الفكرة. ثمّ تابعت قراءتي في هذا الكتاب القيّم، وانصرفت معه إلى أفكار أخرى لم تكن إثارتها لدهشتي أقلّ.
- د. منذر عيّاشي