يمرُّ ظلُّكَ..

يمرُّ ظلُّكَ
لا أنثى تطاردُهُ
وليس من أحدٍ في الدّرب يرصدُهُ
.
يمرُّ مثل حكاياتٍ، تَوَسَّدَها

ليلي طويلاً، وقد كانت توسِّدُهُ
.
على خطاهُ
تقصُّ الأرضُ غربتها 
لآخَرٍ كسرتْ أشياءَهُ يدُهُ
.
يمرُّ، لا ذنبَ في أعتابِ سَوْأَتِه

سواهُ؛ حتّى كأنَّ الذّنبَ سيِّدُهُ
.
مُفَتِّشاً عن وجوهٍ
أبْجَدَتْ فمه

في اللّا كلامِ..
وعن طُهْرٍ يُؤَبْجِدُهُ
.
وعن نوافذَ أخرى 
فَرَّ حارسُها

منها، فقد أقسمت: إنِّي سأوصدُهُ
.
فكيف يختالُ ؟!
حبل الموت أرْجَحَهُ بين البياض الّذي يختال أسودُهُ
.
وكيف يسبح في بئرٍ يطوف على

مياهه سَبَأُ البلوى وهدهدُهُ؟!
.
ويتعب البختُ
يعلو فوق لحظتِهِ

مُقَيَّداً
وحدها الدّنيا تُقَيِّدُهُ
.
يا بختُ
يا بختُ
أدري أنّ آدمَنا

شَكٌّ، وأنّك – إيماناً – تؤكِّدُهُ
.
وأنّ حزنَكَ لم يطلقْ نوارسَه

في يُتْمِهِ
فظلالُ الحزن تُسْعِدُهُ
.
وقبل صُبْحَيْن
كان الضّوءُ مُنْتَظِراً

ظلامَهُ ثمّ خانَ الضّوءَ موعدُهُ
.
وبعد لَيْلَيْن
ألقَتْ وَحْشَةٌ سَفَرًا

على السَّمَاءِ، ونادَتْ: من سيصعدُهُ

(من نصّ: مفازات البخت)

حسن عبده صميلي

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

الجاحظ وكتبه.. قصّة قصيرة

 إبراهيم أحمد بعد أن انتشر في المدينة خبرُ سقوط الكتب على الجاحظ وملازمته الفراش، قلقنا عليه كثيراً، وجدتني مع خمسة من النّسّاخين والورّاقين نزوره عصراً، في بيته البسيط المبنيّ من الحجر والطّين في ضاحية من البصرة، قريباً من شطّ العرب. كان من حسن حظي أنّني استطعت أن أجلس بجانبه في بيته البسيط الّذي ليس فيه من أثاث سوى فرش بسيطة رثّة ممدودة على الأرض، ومنضدة خشبيّة حائلة اللّون عليها إبريق ماء، وكؤوس صغيرة من الفخّار! كان بثياب بيض فضفاضة،وعمامة بيضاء مذهّبة نظيفة،وقد بانت من تحتها شعيرات شائبة، أنارت وجهه الدّاكن الأقرب للسواد، كان قد قارب المائة عام، استهلك خلالها اثني عشر خليفة عباسيّاً، كلّهم ماتوا ونسوا،بينما بقي هو الكاتب المعلّى!  كلّ من معي كان يقول: ـ  حمداً لله على سلامتك. أحدهم قال: ـ هذه الكتب الجاحدة؛ سقطت عليك وأنت صانعها! ابتسم الجاحظ  قائلاً: ـ  لا، هذه الكتب الورقيّة سقطت عليّ، ولم تؤذني، ما سقط عليّ وآذني كتب أخرى! وسط دهشتنا جميعاً، قلتُ: ـ كيف؟ لم أفهم يا سيّدي! ـ الكتب الّتي في داخلي هي الّتي سقطت فوق رأسي! دهشت ،أكثر، بقيت أتطلّع إلى وجهه الّذي يقولون إنّه دميم؛ بينما أنا أراه من أكثر وجوه النّاس لطفاً وبشاشةً؛أريد منه أن يقول المزيد، فحديثه متعة للقلب حتّى لو كان حزيناً! رفع صوته ليسمع الآخرين معي: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *