الرئيسية / لنا كلمة / هذا أنا..

هذا أنا..

بقلم: محمد عارف قسوم

لم أهاجرْ إلّا مُكْرَهاً؛ خشيةَ أنْ أَظلِمَ أو أُظلَم، ولم أغادرِ الوطنَ إلّا رفضاً لواقعٍ ظالمٍ لا يقبلُ إلّا أنْ يزجّ بالإنسان – قاتلاً أو مقتولاً – في غياهبه، فإمّا ظالماً لغيره يَسْلَخُ ما تبقّى من أيّامه، أو مظلوماً عاجزاً عن دفع ظلمٍ يواجهُهُ..

واحدٌ في هذه الأمّةِ ولستُ واحداً منها.. ابنُ يومٍ أحيا له بكلِّ ما أُوتِيْتُ مِنْ قوّةٍ وأنا أحسب أنْ لا غد له..

 سعادتي سعادةُ غيري؛ والإنجازُ عندي سرُّ تلك السّعادة..

مؤمنٌ بربٍّ جميلٍ محبٍّ – لا طمأنينة ولا سَكينة بعد عَيْنِهِ! – سَخَّرَ كلَّ شيءٍ لراحتي، وأَمَرَ صفوةَ ملائكتِهِ بالسجود لي..

 لا يفاجئُني خَطْبٌ مهما عَظُمَ، ودائماً كنتُ أًعِدُّ فُلْكَ الحبّ لطوفانٍ قد يأتي..

يتصارعون لأجلِ فُتاتِ مَغْنَمٍ، وأجود بالروحِ لأجلِ عفةٍ أخرجُ بها سالماً مِنْ بين ظَهرانيهم..

ضِحْكَةُ طفلٍ تأسرُني.. لمّةُ أهلٍ.. بُحَّةُ ناي.. زقزقةُ عصفورِ.. أُنْسُ كتابٍ.. لقاءُ أصحابٍ.. كوبُ شايٍ يبلّ الرّوح.. وغيمُ خيرٍ لكلِّ النّاس..

أعرف نفسي جيّداً، وكثيراً ما أصمتُ تحاشياً لكلمةٍ قد تخدشُ صفاءَ روحي، وتستفزُّ نقاءً لطالما ضَحَّيتُ في سبيلِ رفعته، وأرمقُ بعين الشّفقة كلّ (بُغاثٍ) أَلِفَ تَوَافِهَ الأمور وألِفَتْهُ، وأَرثي لحالِ كلّ من يظنّ الحياةَ تنازعَ أدوارٍ، ولا يعتقدُ برحابتِها واتّساعِها للأدوارِ كلِّها متكاملةً متنوّعةً متناغمة.. بل وأحتقبُ آنية الضّياءِ – موقداً شموعَ الإحسان – لكلِّ مسكينٍ حاطبِ وَيْل..

أَجْزِمُ أنّ الحياةَ بلا حبٍّ لا تستحقُّ أنْ تُعاش، وأنّها مهما بدتْ سيّئةً، فثمّة، دائماً، – بالحبّ – ما يُمْكِنُ عملُه لتصبحَ أجمل..

لم أتغيّرْ مِنْ بَعْدِ ما تبيّن لي أنّه الحقُّ، ولن أتغيّرَ، ولو تغيّرَ النّاسُ جميعاً.. وحيثما يمّمتُ أُولّي الوجهَ شَطْرَ قلبي، وقلبي فقط..

كنتُ وما أزال وسأبقى على العهدِ، أحبُّ الجميعَ، وأَكْلَأُ بمحبّتي حتّى مَنْ طَعَنَنِي من الخلفِ وكان محسوباً في (أهلِ ودّي)..

ومن قصيدةٍ إلى قصيدةٍ..
من شجرةٍ إلى شجرةٍ..
ومن خصبٍ إلى خصب..
سأورقُ..
وسيورقُون..

ويا مَنْ أنكرتَ عليّ هجرتي، وسألتني: مَنْ أنت؟

هذا أنا..

فقل لي: مَنْ أنتَ؟ ومَنْ أبوك؟

***

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

نتابع لاحقاً..

النّاس جميعاً، وأنا واحدٌ منهم، احتفلوا بقدومِ عامٍ جديدٍ، كلٌّ على طريقتِهِ، مستبشرينَ راجينَ أنْ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *