الرئيسية / على ناصية قلب (نصوص وكتابات) / نصوص لـ: حسن شهاب الدّين

نصوص لـ: حسن شهاب الدّين

 

نصوص لـ: حسن شهاب الدّين

لي ما لنهرٍ
سارَ فيه مسيحُهُ
فانشقَّ ثوبُ الماءِ منه حياءَ
آخيتُ..
بين الكائناتِ
وأحرفي
فغدا الوجودُ بأسرِه شعراءَ
وحديقةُ الصّمتِ
ارتكبتُ مجازَها
فتفتـَّحتْ
وتكلـَّمتْ إيحاءَ
أعلنتُ فوضايَ الجميلة َ
صُغْتُ مِنْ ألوانِها
ما يُدهشُ البُسطاءَ
لي أسْوَة ٌ بالضوءِ
في أطوارِهِ
مُذ كانَ ضحكة َطفلةٍ لثغاءَ
حتى قرأتُ الصّبحَ
في مخطوطةٍ
لم تكتملْ
وعلى يديَّ أضاءَ
………………………………….
من ديوان (طفل يركض في الأساطير)
                                                    ***

هو الشِّعْرُ
بحرٌ يستجيرُ بغارقِ
وإبرةُ برقٍ..
بينَ كومِ حرائقِ
وجسرٌ.. 
على نَهْرٍ مِن الغيبِ عالقٌ
ولا ثمَّ مِنْ جسرٍ
على النّهرِ عالقِ
فَشَمِّرْ مَعِي ساقَيْكَ
خُضْ في سرابِه
تَبَلَّلْ بكِذْبِ الماءِ..
تلكَ حقائقي
تَخَفَّفْ مِن الصّلصالِ
مثقالَ وردةٍ
وكُنْ آدماً للعطرِ
بعضَ دقائقِ
تَزَوَّجْ بحوَّاءِ القصيدةِ ثانياً
وَدَعْها تكُنْ تُفَّاحةً للخلائقِ
تقادَمَ ثوبُ الأبجديَّةِ
فابْتَكرْ
قميصَ عراءٍ بالقصيدةِ لائقِ
وماذا يضيرُ الشّعر
لو كانَ شُرفةً
لعاشقةٍ ترمي سلاماً لعاشقِ
ومصباحَ دربٍ للغريبِ مؤانساً
وَ باباً صديقاً..
مدَّ كفّاً لطارقِ
وحقلَ يماماتٍ
وسِربَ سنابلٍ
وتلويحَ مِرْآةٍ لِظِلٍّ مُفارقِ
وكُرَّاسَ رَسْمٍ للصغارِ
تطيرُ بي
فراشةَ صوتٍ في مهبِّ زنابقِ
وتزرعُ غيْماتٍ
بطولِ وُرَيْقتي
لترعَى خِرافُ اللّونِ عُشْبَ حدائقي
ويُصبح شِعري
دُمْيةً قُزَحيَّةً
تُضاحكُ طِفلي..
كي
ينامَ
مُعانقي.
………………………………….
من نصّ (شمعة في يد الحياة)
ديوان (متّهم بخداع العالم)
                        ***

صوتُهم واحدٌ..
وصوتُكَ شَتَّى
أنتَ للناسِ كلِّهمْ حيثُ كنتَا
بَيْنَهُمْ والحياة خيطُ زجاجٍ
لَيْتَهُمْ..
صادقوا الحياةَ كأَنْتَا
واحداً..واحداً..أتَوْها
ولكنْ
جئتَ شعباً،
وحقلَ قمحٍ، وبَيتا
شاعرٌ..رُبَّما
وهُمْ شُعَراءٌ
إنَّما أيُّهُمْ يُباريكَ صمتا
تُطْعِمُ الحرفَ خُبْزَ قلبٍ
ليحيا
ويضنُّونَ..
فالقصائدُ مَوْتى
وإذا أوْلَموا ذبائحَ شِعْرٍ
أنتَ أشعلتَ شمعةً واكتفيتَا
ويَرَوْنَ الإلهَ
بيتَ صلاةٍ
وتراهمْ..
لم يعرفوا اللهَ حتَّى.
………………………………….
من نصّ (شمعة في يد الحياة)
ديوان (متّهم بخداع العالم)
                                                         ***

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

الجاحظ وكتبه.. قصّة قصيرة

 إبراهيم أحمد بعد أن انتشر في المدينة خبرُ سقوط الكتب على الجاحظ وملازمته الفراش، قلقنا عليه كثيراً، وجدتني مع خمسة من النّسّاخين والورّاقين نزوره عصراً، في بيته البسيط المبنيّ من الحجر والطّين في ضاحية من البصرة، قريباً من شطّ العرب. كان من حسن حظي أنّني استطعت أن أجلس بجانبه في بيته البسيط الّذي ليس فيه من أثاث سوى فرش بسيطة رثّة ممدودة على الأرض، ومنضدة خشبيّة حائلة اللّون عليها إبريق ماء، وكؤوس صغيرة من الفخّار! كان بثياب بيض فضفاضة،وعمامة بيضاء مذهّبة نظيفة،وقد بانت من تحتها شعيرات شائبة، أنارت وجهه الدّاكن الأقرب للسواد، كان قد قارب المائة عام، استهلك خلالها اثني عشر خليفة عباسيّاً، كلّهم ماتوا ونسوا،بينما بقي هو الكاتب المعلّى!  كلّ من معي كان يقول: ـ  حمداً لله على سلامتك. أحدهم قال: ـ هذه الكتب الجاحدة؛ سقطت عليك وأنت صانعها! ابتسم الجاحظ  قائلاً: ـ  لا، هذه الكتب الورقيّة سقطت عليّ، ولم تؤذني، ما سقط عليّ وآذني كتب أخرى! وسط دهشتنا جميعاً، قلتُ: ـ كيف؟ لم أفهم يا سيّدي! ـ الكتب الّتي في داخلي هي الّتي سقطت فوق رأسي! دهشت ،أكثر، بقيت أتطلّع إلى وجهه الّذي يقولون إنّه دميم؛ بينما أنا أراه من أكثر وجوه النّاس لطفاً وبشاشةً؛أريد منه أن يقول المزيد، فحديثه متعة للقلب حتّى لو كان حزيناً! رفع صوته ليسمع الآخرين معي: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *