الرئيسية / على ناصية قلب (نصوص وكتابات) / الجميعُ يعضُّ أصابعَه

الجميعُ يعضُّ أصابعَه

الجدران الّتي استودعناها أسرارَنا
لن تخبرَ أحداً عنّا
فقد استحالت أنقاضاً

*  *  *  *  *  *  *

منذ مدةٍ لم أكتب قصيدةً مكتملةَ الأوصابِ، وأحاولُ أنْ أُقنع نفسي أنّي بخيرٍ رغم ذلك..
لِذَا أُكْثِرُ مِنَ الغناء ومن التقاط (السّيلفي).. أنتظرُ ذكرياتِ (الفيسبوك) بلهفةٍ وترقّبٍ؛ لأقلّدَني، لأنسخَ ما كنتُهُ ذاتَ شعرٍ، وألصقه فوق يومي..
مأخوذةٌ جدّاً منّي هذه الأيام ..
إنّ (هذا الفراغ الفسيح في صدري) يتّسع حتّى يكاد يبتلعني!

*  *  *  *  *  *  *

  • وما ذلك على كاهلك؟!
    عشب انتظاراتي..
  • وماذا بروحك؟!
    قبور العابرين 
  • وهذا بعينك؟!
    نحيبٌ لم يَئِنْ شتاؤه بَعْدُ..
  • وكلّ هذا الصّمت في صوتك؟!
    ابتهالات.. صلاة..
  • ومن أنت؟! أين كنت؟!
    خلفي..
    أقفُ في الطّابورِ الطّويلِ، أحصي هروبي وانكساراتي، أرمّم الصّدوعَ في قلبي ..
    وأحياناً أُهْمِلُنِي 
    وأستسلمُ للضجر…
  • من أنت؟!
    كائنٌ ما..
    يهرولُ في أقصرِ الطّرقِ ما بين نقطتينِ في فضاء                                              رَحِمٍ و لَحدٍ..
  • وما هذا بيمينك؟!
    قلبي ..وأحياناً أدعوه قلماً .. 

*  *  *  *  *  *  *

كلَّ يومٍ (أنجو من الحياة بأعجوبة)..
أقاومُ تلفَ الخلايا الحالمة.. أسكبُ لطموحي قدحاً من الأمل.. أهزُّ كتفَ التّفاؤلِ قبل أنْ يأخذَه سباتُ الشّتاءِ الطّويل ..

*  *  *  *  *  *  *

لا تنتظرْ كفَّ الغريبِ لتنجِدَك
كُنْ قشّةَ روحِكَ..
كُفَّ عن هذا الغرق..

*  *  *  *  *  *  *

و يمكنني الآن أنْ أقول أنّنا نخطو نحو الجحيم..
الغدُ هو مرآةُ ماضٍ سحيقٍ ..
إنسانُ ماقبل التّاريخ عائدٌ.. عائد 

*  *  *  *  *  *  *

…………

في الغربةِ تصيرُ العمليّاتُ الحسابيّةُ أكثرَ تعقيداً
فهنا.. الجميعُ يعضُّ أصابعَه محاولاً – عبثاً – إحصاءَ اغتراباته..

  • سماح العيسى

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

الجاحظ وكتبه.. قصّة قصيرة

 إبراهيم أحمد بعد أن انتشر في المدينة خبرُ سقوط الكتب على الجاحظ وملازمته الفراش، قلقنا عليه كثيراً، وجدتني مع خمسة من النّسّاخين والورّاقين نزوره عصراً، في بيته البسيط المبنيّ من الحجر والطّين في ضاحية من البصرة، قريباً من شطّ العرب. كان من حسن حظي أنّني استطعت أن أجلس بجانبه في بيته البسيط الّذي ليس فيه من أثاث سوى فرش بسيطة رثّة ممدودة على الأرض، ومنضدة خشبيّة حائلة اللّون عليها إبريق ماء، وكؤوس صغيرة من الفخّار! كان بثياب بيض فضفاضة،وعمامة بيضاء مذهّبة نظيفة،وقد بانت من تحتها شعيرات شائبة، أنارت وجهه الدّاكن الأقرب للسواد، كان قد قارب المائة عام، استهلك خلالها اثني عشر خليفة عباسيّاً، كلّهم ماتوا ونسوا،بينما بقي هو الكاتب المعلّى!  كلّ من معي كان يقول: ـ  حمداً لله على سلامتك. أحدهم قال: ـ هذه الكتب الجاحدة؛ سقطت عليك وأنت صانعها! ابتسم الجاحظ  قائلاً: ـ  لا، هذه الكتب الورقيّة سقطت عليّ، ولم تؤذني، ما سقط عليّ وآذني كتب أخرى! وسط دهشتنا جميعاً، قلتُ: ـ كيف؟ لم أفهم يا سيّدي! ـ الكتب الّتي في داخلي هي الّتي سقطت فوق رأسي! دهشت ،أكثر، بقيت أتطلّع إلى وجهه الّذي يقولون إنّه دميم؛ بينما أنا أراه من أكثر وجوه النّاس لطفاً وبشاشةً؛أريد منه أن يقول المزيد، فحديثه متعة للقلب حتّى لو كان حزيناً! رفع صوته ليسمع الآخرين معي: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *