الرئيسية / على ناصية قلب (نصوص وكتابات) / القلب في القرآن والأدب العربيّ: حقيقة أو مجاز؟

القلب في القرآن والأدب العربيّ: حقيقة أو مجاز؟

الملخص 

إن للقرآن الکريم والأدب العربي نظرة شاملة إلی القلب ومترادفاته. هنا يُطرح سوال وهو أن المقصود من القلب في هذه النصوص هل هو القلب الموجود في الصدر أم الغرض منه هو الدماغ؛ واستعمل القلب استعمالا مجازياً؟

في هذا المقال نتعاطی بالموضوع من خلال دراسة الآيات القرآنية ومن منطلق الاکتشافات العلمية الجديدة لنجيب عن هذا السؤال بأن استعمال القلب في القرآن الکريم والأدب العربي ليس مجازا بل هو حقيقة فاستعمل اللفظ في معناه الأصلي.

النکتة اللافتة للنظر في هذا المجال هي أن العلماء أثبتوا في العقود الثلاثة الأخيرة بأن للقلب أربعين ألف خلية عصبية لإدخار المعلومات. حيث تُرسَل الأوامرُ اللازمة منه إلی الدماغ. فلذلک کلام القرآن الکريم والأدب العربي عن القلب کموضع للحب، والهداية، والهدوء، والعلم، والأسرار، والشجاعة، والصدق، والقساوة، والضلال، والحقد، وغيرها قابل للإثبات تماماً.

  

الکلمات الدليلية: الذاکرة، القلب، الدماغ، الحقيقة، المجاز، القرآن الکريم، الإعجاز، الناصية، الأدب العربي.

  

التمهيد

لقد وُصِفَ القلب وأسراره الدفينة في بدائع آثار الشعراء والأدباء. سؤالنا الأصلی في هذا المقال هو أن القلب في القرآن والأدب العربي هل هو القلب الموجود في الصدر أم المقصود منه هو الدماغ، واستعمل القلب في معناه المجازي؟

عندما نلقي الضوء علی النصوص الأدبية نظما و نثرا لم نجد أحدا أشار في آثاره الی الدماغ كمركز للحب والعاطفة والصداقة.

في هذا المقال نحاول لنجيب عن هذا السوال من وجهة نظر القرآن الكريم والاكتشافات العلمية وهو: أن استعمال القلب في القرآن والأدب العربي ليس مجازا بل هو حقيقة ولا غير. فاستُعمل اللفظُ في ما وُضع له يعني الحقيقة ولا المجاز.

إن الأطباء درسوا منذ سنين دراسة مفصلة حول القلب من حيث الفيزيولوجيا رغم ان هناك بعض الباحثين كانوا يعتقدون بأن القلب ليس الا مجرد مضخة ولكنهم في أواسط القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، ومع تصعيد عمليات زرع القلب، أدرك الاطباء حقائق مدهشة حيث لم يعثروا علی تفسيرها. فهذه الحالات كانت تحدث عادة عندما كان المريض يتلقی القلب الجديد فهذه التغييرات الشديدة قد تؤدي الی تغييرات جذرية حتی في عقيدته وأفکاره. ومن هنا بدأ بعض الباحثين بدراسة العلاقة بين القلب والدماغ. فوجدوا أن القلب يؤثر على النشاط الكهربائي للدماغ. فكل هذا حدث في وقت كان اكثر الاطباء يعتقدون بان القلب الجديد لن يؤثر علی معنويات المريض.

هذا وكان البعض يزعمون أن المقصود من القلب في الآيات الكريمة هو القلب المعنوی يعني انه كالنفس والروح فهو غير قابل للرؤية! فلم يدركوا ان الغرض منه هو القلب الحقيقي ولا المجازي.

يتحدث العلماء اليوم جدّياًّ عن دماغ موجود في القلب فأثبتوا أنه يتألف من 40000 خلية عصبية، أي أن ما نسميه “العقل” موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه www.therealessentials.com/followyourheart.html)) في الحقيقة يعمل القلب باستخدام هذا العدد من الخلايا العصبية كدولة مستقلة و يرسل الاوامر اللازمة الی الدماغ (نفس المصدر) ولذلك يعتبر كل خلية من خلايا القلب كمصدر رئيسي لادخار المعلومات. لقد اثبت الدکتور مايکل رزن – وهو استاذ في الصيدلة- و زملاؤه بعد مضي خمس سنوات من الدراسة والتحقيق أن القلب كالدماغ له خلايا لادخار المعلومات. و قد طبعت هذه النظرية العلمية الهامة في مقال بعنوان «Studying Heart Memory » (www.cumc.columbia.edu)

لو امعنا النظر في الآيات القرآنية نجد أن الإعجاز يتجلی فيها بكل وضوح لأنه جل جلاله عيَّن القلب كموضع لنزول القرآن عندما خاطب نبيه المختار بقوله تعالی: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (شعرا 194) أو( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ) (البقره 97)  أو (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان 32) جميع هذه الآيات تؤكد علی أن القلب هو موطن للحقيقة والصدق. فلذلك يُسأل عن القلب في يوم القيامة: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقره 225)

قال الله تعالی: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج: 46) هذه الآية تبين مكان القلب لكي لايظن احد ان المقصود في كلام الله العزيز هو المجاز يعني الدماغ. و قال ايضا: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَايَفْقَهُونَ بِهَا) (الانعام: 179). و قد أشير في هذه الآية المباركة الی أن مکان الإدراک هو القلب و في سوره التوبة الآيه 93 نجد علاقة القلب و الادراک معا حيث قال سبحانه وتعالی: (وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) يعنی انه جل جلاله أخذ الادراك بسبب ختمه لقلوبهم.

القلب موضع لتخزين الأسرار

 لقد بيَّن القرآن کريم القلب كموضع لذخيرة الأسرار حيث قال: (هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (العنكبوت 49) أو (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُون) (القصص 69) أو (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) (النمل 74 ) أو (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (19 الغافر) أو (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) (آل عمران 29) أو (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ) (المائده 154) ويعرّف القرآن الكريم بانه جل جلاله هو عالم باسرار القلب حيث قال: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور) (لقمان 23) بناء علی هذا خلايا القلب تهدي الدماغ لأداء مهامه. ولذلك يؤكد ربنا الجليل بان كل شيء موجود في القلب وهو عليم بذات الصدور: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران: 154).

وقد استلهم الشعراء العرب عن القرآن الكريم فذكروا أن مرکز الإدراک هو القلب. قال محيي الدين بن عربي: (الديوان، ص  275):

إنَّ اللسانَ رسولُ القلبِ للبشرِ        بما قدْ أودعَهُ الرحمنُ منْ دررِ

وقال أيضا: (نفس المصدر)

حَدَّثَ القلبُ عن الروحِ كما         حدثَ القلب عن الله لنا

وقد اعتقد بهاء الدين زهير أن القلب يدرك ما لا تدركه العين: (الديوان، ص149)

إنّي عَشِقتُكَ لا عن رُؤيَة ٍعرَضت     والقلب يدركُ ما لا يدركُ البصرُ

وقال بشار بن برد (91 – 167هـ.ق): (الأغانی ، ج 3، ص 236)

ويزهدني في حُبِّ عبدةَ معشر            قلـوبهم فيها مخالفة قلبي

فقلتُ دعوا قلبي وما أختار وأرتضى     فبالقلب لابالعين يبصرُ ذوالحبِ

فما تبصر العينان في موضع الهوى       ولاتسمع الأذنان الا من القلبِ

و عندما لامه الناس علی أنه عَشِق فتاة وهو أعمی أجابهم: (نفس المصدر، ص235)

يا قومِ اُذْني لبعضِ الحَيّ عاشقةٌ       والاُذْنُ تَعْشقُ قَبْلَ العَيْنِ أحيانا

قالوا بمنْ لا تُرى تَهْذي فقلتُ لهم     ألاُذْنُ كالعينِ تُوفي القلبَ ما كانا

وأشار الشريف الرضي (ت406هـ)  الی ان القلب يری ما لاتراه العين: (الديوان، ص134)

والقلبُ ينظرُ ما لا يَنْظُرُ البصرُ     أَجفُو لَهُ الوُلْدَ، مَذْخُوراً لَه شَفقي

واعتقد زهير بن أبي سلمی أن لسان الانسان نصف والنصف الآخر هو قلبه: (طه الدرة، معلقة زهير بن أبي سلمی، ص 97)

لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُـؤَادُهُ   فَلَمْ يَبْـقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالـدَّمِ

وقال نبينا المكرم (صلی الله عليه وآله وسلم): (طه الدرة، معلقة زهير ، ص 97) المرء بأصغَرَيهِ: قلبه و لسانه.

«الصدر» بمعنی «القلب» في الآيات القرآنية

وصف القرآن الکريم القلب کموضع لوسوسة الشيطان حيث قال: (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) (الناس 5) ويخاطب النبي (صلی الله عليه وآله  سلم) (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (الانشراح 1) وكان دعاء موسی (عليه السلام) شرح صدره كما قال: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) (طه 25)

علاقة القلب والإدراک:

 لقد أثبت الباحثان Rollin McCraty و   Mike Atkinsonومن خلال بحوثهما المقدمة الی مجمع باولو سنة 1999م أنه: (http://www.alamuae.org/upload/alam10/1117465845/wed2.gif) هناك علاقة بين القلب وعملية الإدراك، وذلك من خلال قياس النشاط الكهرومغناطيسي للقلب والدماغ أثناء عملية الفهم أي عندما يحاول الإنسان فهم ظاهرة ما، وجدوا أن عملية الإدراك تتناسب مع أداء القلب، وكلما كان أداء القلب أقل كان الإدراك أقل.

بول بيرسال (Paul. Pearsall) العالم في علم المناعة النفسعصبية ومؤلف كتاب شفرة القلب Heart’s Code) The). قام ببحث تم عام 2002 بعنوان ( تغيرات في شخصيات المزروع لهم توازي شخصيات المتبرعين) البحث شمل 74 تم زرع أعضاء لهم منهم 23 زرع القلب خلال 10 سنوات وذكر عددا من الحالات؛ منها:

Heart’s Code 304 pages)www.randomhouse.com/author/results.pperl?authorid=23477)

و أيضا: (article titled: Cellular Memory by: Malcolm Robinson , novambr 2004)   http://www.spiuk.net/

1- شاب عمره (18) سنة، كان يكتب الشعر ويعزف الموسيقى ويغني، وقد توفي في حادث سير، وتم نقل قلبه إلى فتاة عمرها (18) سنة أيضاً. وفي مقابلة لها مع والدي المتبرع عزفت أمامهما موسيقى كان يعزفها ابنهما الراحل، وشرعت في إكمال كلمات الأغنية التي كان يرددها رغم أنها لم تسمعها أبداً من قبل.

2- رجل أبيض عمره (47) سنة، تلقى زرع قلب شاب عمره (17) سنة أمريكي أسود. المتلقي للقلب فوجئ بعد عملية الزرع أنه أصبح يعشق الموسيقى الكلاسيكية، واكتشف لاحقاً أن المتبرع كان مغرماً بهذا النوع من الموسيقى!

3- حدثت لشاب خرج لتوّه من عملية زرع، وبات يستخدم كلمة غريبة بصفة مستمرة، واكتشف لاحقاً في مقابلة مع زوجة المتبرع أن هذه الكلمة كانت كلمة سر اخترعاها بينهما تعني أن كل شيء أصبح على ما يرام!

4- تم زراعة قلب لفتاة عمرها (8) سنوات، وكان القلب مأخوذاً من فتاة مقتولة عمرها (10) سنوات، وبعد الزرع أصيبت الفتاة بكوابيس مفزعة تصوّر قاتلاً يقتل فتاة. هذه الكوابيس كانت مرهقة جدّاً، وذهب بها والدها إلى استشارة الطبيب النفسي. كانت الصور التي حلمت بها واضحة ومحددة لدرجة أن الطبيب والأم أخبرا الشرطة بصورة القاتل الذي ظهر في أحلام ابنتهم، وبواسطة هذه الصفات قبضت الشرطة على القاتل، وكان ما أخبرته الفتاة دقيقاً جدّاً!

4- في (29/ 5/ 1988م)  كان شاب اميركي في (18) من عمره يقود دراجته البخارية واصطدم بسيارة على الطريق السريع ولقي مصرعه وعلى الفور تم ابلاغ السلطات الصحية وبنوك حفظ الأعضاء حيث تم نقل قلبه فورا الى فتاة تدعى (كلير سيلفيا) التي كانت تنتظر نقل هذا القلب بعد أن كانت على وشك الموت وبعد أن أفاقت سليفا من الجراحة واستردت صحتها وخرجت من المستشفى لاحظت أن هناك بعض التصرفات الغريبة التي جدت عليها، فقد أصبحت تصرفاتها أميل إلى التصرفات الذكورية بالنسبة إلى الأنثوية وكذلك تغيرت عاداتها اليومية ونمطها الغذائي كأكل قطع الدجاج المحمرة والفلفل الحار والجعة. وفي الولايات المتحدة هناك قانون يحظر على المتلقي للعضو المزروع أن يعرف شيئا عن الشخص الذي تم أخذ العضو منه، فلم تكن تعرف شيئا عن هذا الشاب، فأصبحت ترى شابا في منامها يدعى تيم يخبرها أنه صاحب القلب فذهبت إلى المستشفى وأصرت على معرفة الشخص الذي نقل إليها منه القلب وتفاجأت بأنه نفس الشخص الذي يأتيها في المنام! وعندما قابلت أهل الشخص المتبرع بالقلب تبين أن تصرفاتها أشبه ما تكون مرآة لتصرفات المتبرع! بعض العلماء تجاهلوا هذه القصة واعتبروها محض صدفة، لكن بعضهم اعتبرها دليلاً على وجود ما يُدعى بـ(ذاكرة الخلية)، والتي بدأت تستحوذ على الاهتمام العلمي مع تقدم تقنية زرع القلب.

يقول الدكتور بول برسال Paul Pearsall (نفس المصدر)  إن القلب يحس ويشعر ويتذكر ويرسل ذبذبات تمكنه من التفاهم مع القلوب الأخرى، ويساعد على تنظيم مناعة الجسم، ويحتوي على معلومات يرسلها إلى كل أنحاء الجسم مع كل نبضة من نبضاته. ويتساءل بعض الباحثين: هل من الممكن أن تسكن الذاكرة عميقاً في قلوبنا؟ إن القلب بإيقاعه المنتظم يتحكم بإيقاع الجسد كاملاً فهو وسيلة الربط بين كل خلية من خلايا الجسم من خلال عمله كمضخة للدم، حيث تعبر كل خلية دم هذا القلب وتحمل المعلومات منه وتذهب بها إلى بقية خلايا الجسم، إذن القلب لا يغذي الجسد بالدم النقي إنما يغذيه أيضاً بالمعلومات!

ومن الأبحاث الغريبة التي أجريت في معهد “رياضيات القلب” HeartMath أنهم وجدوا أن المجال الكهربائي للقلب قوي جداً ويؤثر على من حولنا من الناس، أي أن الإنسان يمكن أن يتصل مع غيره من خلال قلبه فقط دون أن يتكلم!!!

أجرى معهد رياضيات القلب العديد من التجارب أثبت من خلالها أن القلب يبث ترددات كهرطيسية تؤثر على الدماغ وتوجهه في عمله، وأنه من الممكن أن يؤثر القلب على عملية الإدراك والفهم لدى الإنسان. كما وجدوا أن القلب يبث مجالاً كهربائياً هو الأقوى بين أعضاء الجسم، لذلك فهو من المحتمل أن يسيطر على عمل الجسم بالكامل. كما وجدوا أن دقات القلب تؤثر على الموجات التي يبثها الدماغ (موجات ألفا)، فكلما زاد عدد دقات القلب زادت الترددات التي يبثها الدماغ.

من هذا المنطلق نلقي الضوء علی آثار الشعراء العرب لنصل الی مدی تطبيق هذه الابيات الشعرية مع الكتشافات العلمية في هذا المجال:

ذكر الجاحظ البصري في «البيان و التبيين» ابياتا عن احد الشعراء قائلا: (ص 19)

وللقلبِ على القلـبِ                 دليلٌ حـينَ يلـقـاهُ

و قال ايضا: (نفس المصدر، ص 19)

العينُ تُبدِي الذي في نفسِ صاحبها    من المحبة أو بُغضٍ إذا كـانـا

والعينُ تنطق والأفواهُ صـامـتةٌ    حتَّى ترى من ضمير القلب تِبْيانا

وقد وصف العباس بن الاحنف من شعراء العصر العباسي علاقة قلب العاشق والمعشوق رغم مسافتهما البعيدة:(الديوان، ص96)

أصبح القلبُ بالعراق وأمسى       بالحجازِ الهَوى فكيف النعيمُ؟

كَتَبَ الحُبُّ في فُؤادي كِتاباً          هو بالشّوق والضّنى مختومُ

أسقَمَ الله قَلبَها مِثلَ ما أسْـ               ـقم قلبي فإنّ قلبي سقيمُ

(الضنی: الحرقة)

وقد ادعی كُثَيِّر عزّه أن القلب هو مركز الحب والهيام: (23 – 105 هـ): (الأغاني، ج9، ص، 38).

وما كنت أدري قبل عَزَّة ما البُكا     ولا مُوجعاتُ القلب حتّى تَوَلَّتِ

(تولت: ادبرت)

كعب بن زهير بن أبي سلمى وهو من فحول الشعراء المخضرمين والذي له مكانة سامية في الشعر- انه يخاطب النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) في اعتذاريته التي بدأها بتغزله لحبيبته سعاد: (المجاني الحديثة، ج 2، ص 11)

بَانَتْ سُعَادُ فقلْبِي اليومَ مَتْبُولُ              مُتَيّمٌ إثْرَهَا لم يُفدَ مَكْبُولُ

(المتبول ، من أسقمه الهوى)

وقال مجنون بني عامر المشهور بمجنون ليلى( ؟ – ت 68هـ.): (جواهر الأدب، ص 45)

أَمُرُّ على الديارِ، دِيار ليلى            اُقبِّلُ ذا الجِدارَ وذَا الجدارا

وما حبُّ الديارِ شغفنَ قلبي           ولكن حُبُّ مَنْ سكن الديارا

وقال أيضا: (الأغاني، ج2 ، ص 42)

لقد ثبتت في القلب منك محبة        كما ثبتت فى الراحتين الأصابع

واعتقد الحريري في «المقامة الشعرية» أن الابتعاد عن الحبيبة يساوي الموت لأن القلب تحت أسره: (مقامات، ص 184)

تصدّى لقتْلي بالصّدودِ وإنّني     لَفي أسرِهِ مُذْ حازَ قلبي بـأسْرِهِ

الجبين (الناصية) مركز للأخطاء

 

استنتج العلماء أن الجزء الأمامي العلوي من الدماغ هو المسؤول عن الكذب! هذا الجزء هو ما يسمی في العربية بـ«الناصية»، أي أعلى ومقدمة الرأس. تؤكد التجارب الجديدة أن مركز الكذب هو في منطقة الناصية في أعلى ومقدمة الدماغ، وأن هذه المنطقة تنشط بشكل كبير أثناء الكذب، أما المعلومات التي يختزنها القلب فهي معلومات حقيقية صادقة، وهكذا فإن الإنسان عندما يكذب بلسانه، فإنه يقول عكس ما يختزنه قلبه من معلومات، ولذلك قال تعالى: (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) (الفتح: 11) أو (الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (المائده 41). فاللسان هنا يتحرك بأمر من الناصية في الدماغ، ولذلك وصف الله تعالی هذه الناصية بأنها: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ  نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) (العلق 15- 16) و قال في سورة هود الآيه 56: (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا).

 

بالتاكيد كنا نجهل مفهوم هذه الاية الكريمة قبل ثلاثين سنة ولكن اليوم وباستعانة هذه الاختبارات نعرف أن القسم الامامي من الناصية هو المسؤول عن الكذب لانه يُنشط لدی الكذب و هو ما يسمی بـ RACC.

 

. Robert T. Knight, Principles of Frontal Lobe Function, Oxford University Press, 2002

 

Kara Gavin,  University of Michigan researchers publish new findings on the brain’s response to costly mistakes, University of Michigan, April 12, 2006

 

 

صور حقيقية لدماغ يظهر وجود نشاط كبير في المنطقة الأمامية أثناء ممارسة الكذب. الصورة اليسرى تمثل الدماغ في حالة الصدق، ثم تليها صور لحالات متدرجة في الكذب، حيث نلاحظ ازدياد حجم البقعة الصفراء التي تمثل نشاط الدماغ في المنطقة الأمامية، ويزداد هذا النشاط تدريجياً كلما تعمد الإنسان الكذب أكثر.

www.idealibrary.com

و لذلك وصل العلماء الی هذه النتيجة بان الناحية الامامية هي المسؤولة عن الكذب.

Carl T. Hall, Chronicle Science Writer, Fib detector Study shows brain scan detects patterns of neural activity when someone lies, www.sfgate.com, November 26, 2001.

وفقا لهذه الدراسات فان دماغ الانسان يُنشط لدی الكذب ولذلك يُستخدم اليوم جهاز باسم FMRI scanner في الدول الغربية لكشف الكذب لدی المتهمين.

  www.livescience.com, 29 January 2006

والان نتعاطی دراسة الآيات القرآنية وأشعار العرب في هذا الاطار:

وصف ربنا الجليل هؤلاء الذين هربوا عن الجهاد قائلا: (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) (الفتح: 11) و قال أيضا: (الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (المائدة 41)

هنا يحتمل أن يُطرح سوال وهو كيف يمكن للمنافق ان يكون قلبه موضعا لادخار المعلومات الحقيقية! مع أن هذه المعلومات كلها تدل علی الکفر و النفاق؟ والجواب هو أن هؤلاء يزعمون باعتقادهم أن مخالفتهم للاسلام حق وصواب تماما. ولذلك يدخرون في قلوبهم معلومات خاطئة كمعلومات حقيقية ولكنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.

لقد أثبت العلماء أن الصداقة لاتسبب نشاطا زائدا للدماغ خلافا للكذب فإنه يسبب نشاطا زائدا في الدماغ بحيث يحتاج الی طاقة كثيرة، کما ورد في قوله تعالی: (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) (محمد: 21). فلذلك يعاقب الله ناصية الكذابين لكذبهم: (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)(هود: 56).

 

هذا ولم يُخفَ الأمر لدی الشعراء فإنهم يميزون بين اللسان والقلب. لان اللسان يتفوه بكلماتٍ تختلف تماما عن القلب. قال عرقلة الكلبي وهو من شعراء العصر العباسي: (الديوان ص. 80)

 

أتصبر إن هَجَرْنا أو بَعُدْنا            فقلتُ: نعم، نعم، والقلبُ: لالا

و قال صفيّ الدين الحلّي وهو من فحول شعراء العراق: (الديوان، ص 36)

كتمتُ سِرَّكِ حتّى قال فيكِ فَمِي         شِعْراً ولم يَدْرِ أنّ القلبَ يهواكِ

وقال الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام) في خطبة 176 من نهج البلاغة وهو يميز القلب من اللسان قائلا: (ص 334)

«إِنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ وَ إِنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ ….قَالَ رَسُولُ اللَّهِ( ص) لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ….»

هل القلب يعتبر مركزا للأحاسيس أو الدماغ؟

لقد وصف القرآن کريم في آياته المتعددة بأن القلب مرکز للأحاسيس بفروعها أي القساوة، والخوف، والحزن، والحب، والهدوء، والصبر والشجاعة وغيرها. هنا يطرح سؤال وهو كيف تكون وضعية الانسان عندما يتلقی القلب الاصطناعي؟ قبل الإجابة عن هذا السوال علينا أن ناتي بنبذة مختصرة حول تأريخ زرع القلب الاصطناعي:

ان أول قلب صناعي تم زرعه في عام 1982 وعاش المريض به 111 يوما، ثم تطور هذا العلم حتى تمكن العلماء في عام 2001 من صنع قلب صناعي يدعى AbioCorوهو قلب متطور وخفيف يبلغ وزنه أقل من كيلو غرام (900 غرام) ويتم زرعه مكان القلب المصاب. أما أول قلب صناعي كامل فقد زرع عام 2001 لمريض أشرف على الموت، ولكنه عاش بالقلب الصناعي أربعة أشهر، ثم تدهورت صحته وفقد القدرة على الكلام والفهم، ثم مات بعد ذلك.

لقد فشل القلب الصناعي كما أكدت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية لأن المرضى الذين تمت إجراء عمليات زرع هذا القلب لهم ماتوا بعد عدة أشهر بسبب ذبحة صدرية مفاجئة.

هناك أمر مثير للاهتمام ألا وهو أن أولئك المرضى الذين استبدلت قلوبهم بقلوب اصطناعية، فقدوا الإحساس والعواطف والقدرة على الحب! ففي 11/8/2007 نشرت جريدة Washington Post  تحقيقاً صحفياً حول رجل اسمه Peter Houghton وقد أُجريت له عملية زرع قلب اصطناعي، يقول هذا المريض: “إن مشاعري تغيرت بالكامل، فلم أعد أعرف كيف أشعر أو أحب، حتى أحفادي لا أحس بهم ولا أعرف كيف أتعامل معهم، عندما يقتربون مني لا أحس أنهم جزء من حياتي كما كنت من قبل”. أصبح هذا الرجل غير مبال بأي شيء، لا يهتم بالمال، لا يهتم بالحياة، لا يعرف لماذا يعيش، بل إنه يفكر أحياناً بالانتحار والتخلص من هذا القلب المشؤوم! لم يعد هذا الإنسان قادراً على فهم العالم من حوله، لقد فقَد القدرة على الفهم أو التمييز أو المقارنة، كذلك فقد القدرة على التنبؤ، أو التفكير في المستقبل أو ما نسميه الحدس. حتى إنه فقد الإيمان بالله، ولم يعد يبالي بالآخرة كما كان من قبل!! حتى هذه اللحظة لم يستطع الأطباء تفسير هذه الظاهرة، لماذا حدث هذا التحول النفسي الكبير، وما علاقة القلب بنفس الإنسان ومشاعره وتفكيره؟ يقول البرفسور Arthur Caplan رئيس قسم الأخلاق الطبية في جامعة بنسلفانيا: “إن العلماء لم يعطوا اهتماماً بهذه الظاهرة، بل إننا لم ندرس علاقة العاطفة والنفس بأعضاء الجسم، بل نتعامل مع الجسم وكأنه مجرد آلة”.

والان للوصول الی إجابة دقيقة علينا أن نستمع الی أقوال هؤلاء الذين تلقوا القلوب الجديدة. احد المواقع الإلكترونية قام بمقابلة مع هؤلاء المرضی فيما يلي مختارات من أقوالهم:

 www.mindpowernews.com/TransplantMemories

1- معظم الذين زرعوا قلباً صناعياً يشعرون بأن قلبهم الجديد قد أصبح متحجّرا ويحسون بقسوة غريبة في صدورهم، وفقدوا الإيمان والمشاعر والحب، وهذا ما أشار إليه القرآن في خطاب لليهود: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) (البقره 74). وقال أيضا: (وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) (الانعام43) أو(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) (الحديد16) أو(لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) (الحج 53) هذه الآيات تبين ان القلب تصيبه القساوة والليونة. والأهم من ذلك أن القرآن الكريم اشار الی هذا الامر قبل ألف وأربعمائة سنة وفيه توصيف القلب بصفات كالقساوة والليونة حيث قال تعالی في توصيف الكافرين: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) (الزمر22). و يخاطب المؤمنين قائلا: (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الزمر 23).

هذا ونجد الشعراء العرب الذين استلهموا القرآن أشاروا الی هذا الامر في قصائدهم. قال ابن الرومي وهو من فحول الشعراء العرب، ان العدوان علی الأصدقاء بلا جرم، يسبب قساوة القلب: (الديوان، ج2، ص 312)

يَقْسُو لهُ القلبُ حين يَسْمعُه         عَلَى أحِبَّائهِ بلا جُرَم

2- بينت أبحاث القلب الصناعي أن للقلب دوراً أساسياً في الخوف والرعب، وعندما سألوا صاحب القلب الصناعي عن مشاعره قال إنه فقد القدرة على الخوف، لم يعد يخاف أو يتأثر أو يهتم بشيء من أمور المستقبل. وهذا ما سبق به القرآن عندما أكد على أن القلوب تخاف وتوجل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال: 2). وكذلك جعل الله مكان الخوف والرعب هو القلب، فقال: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) (المائده 151 ) أو (قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) (الاحزاب 26) أو (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ) ( النازعات 8) أو (وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (المؤمنون60) هذه الآيات الكريمة تشير الی ان القلب ليس مجرد مضخة تضخ يوميا  7200 لترا من الدم بل له صفات كالجبن والقساوة أيضا. والآن نتناول قسما آخر وهو العواطف والأحاسيس:

كما أشيرَ سابقا ان القلب موضع للاحاسيس والعواطف. فلذلك يختص به الحب والحزن وغيره. والدليل علی ذلك هو كلام النبي ابراهيم (عليه السلام) عندما خاطب ربه قائلا: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (ابراهيم 37) هذه الآيه تدل علي أن منطقة العواطف لدی البشر هي القلب. لأن الانسان عادة لايزور صحراء قاحلة الا ان تأمره العاطفة. قال الله تعالی في سورة الهمزة في آيات (7-6): (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) وقال المفسرون في شرح الآية إن نار الله تلقی في القلوب لأن القلب، مکان لأحساس الوجع والالم، فهو ألطف أعضاء الجسد. فالقرآن کريم وصف النبي صلي الله عليه وآله وسلم بأنه يضيق صدره من أقوال الكفار والمشركين قائلا: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) (الحجر97) أو (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَی إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) (هود12) هذه الآيات خير دليل علی أن القلب موضع للهموم أيضا.

وقد أشار الكثير من الشعراء العرب الی القلب كموضع لتجميع الأحاسيس والعواطف منهم:

قالت الخنساء شاعرة الرثاء في رثاء أخيها وهي تشير إلی أن القلب هو مركز الحزن:) الديوان، ص 20)

ذَكَرْتُكَ، فاسْتَعْبَرْتُ، والصَّدْرُ كاظِمٌ      عَلَى غُصَّةٍ، منها الفؤادُ يَذوبُ

لَعَمرْي لَقَدْ أوْهَيْتَ قَلبي عَن‏العَزَا         وَطأطأتَ رأسي والفؤادُ كَئيبُ

وقالت أيضا: (الديوان، ص19)

اِنّي تَذَكَّرْتُهُ وَالليلُ مُعْتَكِرٌ          فَفي فُؤادِي صَدْعٌ غيرُ مَشْعُوبِ

مُعْتَكِرٌ: مُظلم؛

وقال محمّد بن إدريس المعروف بـ (الامام الشافعي) في رثاء الامام الحسين (عليه السلام): (ابن‌ شهر آشوب‌، ج‌ 4، ص‌125)

تأوَّه قلبي والفؤاد كئيب           ُوأرَّق نومي فالسهاد عجيبُ

واشار شاعر النيل، حافظ إبراهيم الی تأوّه القلب قائلا: (الديوان ، ص31)

لَبِسْتُه ودُمُوعُ العَيْنِ طَيَّعَةٌ                والنفسُ جَيَّاشَةٌ  والقَلْبُ أَوّاهُ

كم رَوَّحَ الدمعُ عَنْ قَلْبي وكم غَسَلَتْ      منه السَّوابِقُ حُزْناً في حناياهُ

(حناياهُ: زواياه)

و قال أبو الطيب المتنبي عن حزن القلب في فراق الأحبة: (الديوان ، ص266)

كأن الحُزْنَ مشغوفٌ بقلبـي        فساعة هجرِها يجدُ الوصالا

قال الجاحظ في «البيان و التبيين» نقلا عن سَهل بن هارون: (ص 130)

فَوَاكبدي حَتّی متَی القلبُ موجَعٌ     بفقدِ حبيبٍ أو تعذُّر إفْـضـال

وقالت الشاعرة المصرية عائشه التيموريّة (1840- 1902م) في رثاء ابنتها تصف قلبها بأنه يذوب من شدة الحزن لفقد ابنتها: (حلية الطراز، ص58)

لا توصي ثَكْلَى قد أذاب فؤادها         حزنٌ عليكِ وحسرةٌ وزفير

(ثَكْلَى: التي فقدت وليدها)

واشار الشاعر العراقي المجيد محمّد مهدي الجواهري في قصيدته «شكوى وآمال» الی حرقة القلب قائلا: (الديوان، ص111)

أغرَّكَ منّي في الرزايا تجلُّدي      ولم تدرِ ما يُخفي الفؤاد الملوَّع

وقد ادعی في قصيدته «يا شعب» ان قلبه معرَّض لسهام المصائب: (الديوان الجواهري، ص124)

هذا فؤادي للخطوب دريئة         وأنا المعرَّض فيكُمُ فاستهدفوا

القلب مأوی الحب

قال ابو منصور الثعالبی النيسابوري وهو يعرّف القلب كمرکز للحب والهيام: (فقه اللغة، ص 211) أول مراتب الحب: الهوى؛ ثم العلاقة، وهي الحب اللازم للقلب؛ ثم الكلف، وهو شدة الحب ثم العشق وهو اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه الحب ثم الشعف وهو إحراقُ الحبِ القلبَ مع لذة يجدها وكذلك اللوعة واللاعج، فإن تلك حرقة الهوى، وهذا هو الهوى المحرق ثم الشغف وهو أن يبلغ الحب شغاف القلب.

وقال عنترة بن شداد العبسي – وهو من شعراء العصر الجاهلی – مخاطبا حبيبته «عبلة» يؤكد بأن مكان عبلة في سواد قلبه: (الديوان، ص 167)

ياعبلَ أنتِ سَوادُ القلْبِ فاحْتكِمي     في مُهْجَتي واعدِلي يا غايَة َ الأَملِ

وقال أيضا: (نفس المصدر)

أين الخَليُّ القلْبِ ممَّنْ قلْبُهُ           من حرِّ نيرانِ الجوى ملآن

وقال في قصيدة أخری: (الديوان، ص.200)

أُعاتبُ دَهراً لايَلينُ لناصِح    وأخفي الجوى في القلب والدَّمعُ فاضحي

واعتبر امرؤ القيس القلب کموضع لإصابة سهام الحب حيث قال: (المجاني الحديثة، ج1،  ص 32)

وما ذرفتْ عيناكِ إلاّ لتضرِبي      بسهَميْكِ في أعشارِ قلبٍ مُقتَّلِ

وقال ابو الطيب المتنبي في هذا المجال: (الديوان ، ص 18)

وخفوقُ قلبٍ لو رأيتِ لهيبَهُ             يا جنتي لظننتِ فيه جهنما

وقال أيضا: (الديوان، ص114)

وإني عنك بعد غـد لغـاد             وقلبي عن فنائك غير غادي

و قال في قصيدة أخری: (الديوان، ص199)

هام الفؤاد بأعرابية سكـنـت         بيتا من القلب لم تمدد له طنبا

القلب موطن الأسرار

 لقد ورد في النصوص الادبية نظما و نثرا أن موطن القلب هو موطن الأسرار كما أشار اليه كعب بن زهير بن أبي سلمى قائلا: (الديوان، ص 187)

لا تُفْشِ سِرِّكَ إلاّ عند ذي ثِقَة      أوْ لاَ، فأَفْضَلُ ما اسْتَوْدَعْتَ أَسرارا

صَدْراً رَحِيباً وقَلْباً واسِعاً صَمِتاً     لم تَخْشَ منه لِمَا اسْتَوْدَعْتَ إِظْهاراً

القلب مزيل للشك

  لقد ورد في أصول الکافي أن الامام ابا عبدالله (عليه السلام) طلب من هشام أحد اصحابه ليطرح أسئلته التي سألها عن عمرو بن عبيد فقال:(الكافي، ج 1، ص 170.  مركز الاشعاع الاسلامي، http://www.islam4u.com/) عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ …. قَالَ كَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ الطَّيَّارُ وَ جَمَاعَةٌ فِيهِمْ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَ هُوَ شَابٌّ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَا هِشَامُ أَ لَا تُخْبِرُنِي كَيْفَ صَنَعْتَ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَ كَيْفَ سَأَلْتَهُ فَقَالَ هِشَامٌ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي أُجِلُّكَ وَ أَسْتَحْيِيكَ وَ لَا يَعْمَلُ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ فَافْعَلُوا قَالَ هِشَامٌ بَلَغَنِي مَا كَانَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَ جُلُوسُهُ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَ دَخَلْتُ الْبَصْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَتَيْتُ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ كَبِيرَةٍ فِيهَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَ عَلَيْهِ شَمْلَةٌ سَوْدَاءُ مُتَّزِراً بِهَا مِنْ صُوفٍ وَ شَمْلَةٌ مُرْتَدِياً بِهَا وَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَاسْتَفْرَجْتُ النَّاسَ فَأَفْرَجُوا لِي ثُمَّ قَعَدْتُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ عَلَى رُكْبَتَيَّ ثُمَّ قُلْتُ أَيُّهَا الْعَالِمُ إِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ تَأْذَنُ لِي فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ لِي نَعَمْ فَقُلْتُ لَهُ أَ لَكَ عَيْنٌ فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَيُّ شَيْ‏ءٍ هَذَا مِنَ السُّؤَالِ وَ شَيْ‏ءٌ تَرَاهُ كَيْفَ تَسْأَلُ عَنْهُ فَقُلْتُ هَكَذَا مَسْأَلَتِي فَقَالَ يَا بُنَيَّ سَلْ وَ إِنْ كَانَتْ مَسْأَلَتُكَ حَمْقَاءَ قُلْتُ أَجِبْنِي فِيهَا قَالَ لِي سَلْ قُلْتُ أَ لَكَ عَيْنٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا تَصْنَعُ بِهَا قَالَ أَرَى بِهَا الْأَلْوَانَ وَ الْأَشْخَاصَ قُلْتُ فَلَكَ أَنْفٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا تَصْنَعُ بِهِ قَالَ أَشَمُّ بِهِ الرَّائِحَةَ قُلْتُ أَ لَكَ فَمٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا تَصْنَعُ بِهِ قَالَ أَذُوقُ بِهِ الطَّعْمَ قُلْتُ فَلَكَ أُذُنٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا تَصْنَعُ بِهَا قَالَ أَسْمَعُ بِهَا الصَّوْتَ قُلْتُ أَ لَكَ قَلْبٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا تَصْنَعُ بِهِ قَالَ أُمَيِّزُ بِهِ كُلَّ مَا وَرَدَ عَلَى هَذِهِ الْجَوَارِحِ وَ الْحَوَاسِّ قُلْتُ أَ وَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْجَوَارِحِ غِنًى عَنِ الْقَلْبِ فَقَالَ لَا قُلْتُ وَ كَيْفَ ذَلِكَ وَ هِيَ صَحِيحَةٌ سَلِيمَةٌ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ الْجَوَارِحَ إِذَا شَكَّتْ فِي شَيْ‏ءٍ شَمَّتْهُ أَوْ رَأَتْهُ أَوْ ذَاقَتْهُ أَوْ سَمِعَتْهُ رَدَّتْهُ إِلَى الْقَلْبِ فَيَسْتَيْقِنُ الْيَقِينَ وَ يُبْطِلُ الشَّكَّ قَالَ هِشَامٌ فَقُلْتُ لَهُ فَإِنَّمَا أَقَامَ اللَّهُ الْقَلْبَ لِشَكِّ الْجَوَارِحِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لَا بُدَّ مِنَ الْقَلْبِ وَ إِلَّا لَمْ تَسْتَيْقِنِ الْجَوَارِحُ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا مَرْوَانَ فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يَتْرُكْ جَوَارِحَكَ حَتَّى جَعَلَ لَهَا إِمَاماً يُصَحِّحُ لَهَا الصَّحِيحَ وَ يَتَيَقَّنُ بِهِ مَا شُكَّ فِيهِ.

القلب محل للهدوء والاطمئنان، والحقد، والهداية، والشجاعة

 عندما ندرس القلب في القرآن الكريم و نصوص النظم والنثر نجدها تشير الی القلب كموضع للهدوء والطمأنينة والحقد والهداية والشجاعة. وقد أشار القرآن الكريم الی القلب كموضع للهدوء قائلا: (فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) (الفتح 18) أو (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) (الاعراف 10) أو (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) (المائده 126) أو (تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28 الرعد)

القلب موضع للظغائن

 ورد القلب في القرآن الكريم كموضع  للحقد والضغينة:(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ)(الحجر 47) و في آيات أخری وصف بانه موضع للهداية: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قلبهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التغابن11)

و اما الشجاعة: لاشك ان العرب ينحصر الشجاعة في القلب، كما أشار اليها الشنفری أحد شعراء الصعاليک في لامية العرب، عندما يدعي ان قلبه مشيع: (الديوان، ص60)

ثَـلاَثَـةُ أصْحَـابٍ فُـؤَادٌ مُشَيَّـعٌ       وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْـرَاءُ عَيْطَـلُ

عملية الختم تخص بالقلوب: اذا اراد الله عقوبة عبد فإنه يختم قلبه كما ورد في سورة البقره الآيه 8: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) أو (فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) (الشورى 24) أو (خَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) (23 الجاثيه) أو (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (الغافر 35) أو (طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ) (التوبه 87)

تثبيت القلب: وهذا عكس الختم كما يؤكده القرآن الكريم: (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) (هود120)

قال الزبيدي في تاج العروس: (مادة «القلب» ) سمي القلب لتقليبه: (نفس المصدر)

ما سُمِّيَ القَلْبُ إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبه،        والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنْسان أَطْوارا

علينا ان نعرف في اهمية القلب بان هذا العضو يُخلق قبل الدماغ أي بعد اسبوعين من تكوين الجنين تتكون مجموعة من الخلايا في المنطقة العلوي فوق الجنين فهي تخلق القلب. هذه الخلايا تظهر بشكل U  ثم تنمو لتشكّل مجموعة من العروق الدموية. فتوفر هذه الخلايا بعد 22 يوما من تكوين الجنين، أرضية مناسبة لأول ضربان للقلب يعني ستين نبضة في الدقيقه. ( Solomon, Berg , p. 1069) و بعد الأسبوع الرابع يجري الدم في عروق القلب. في حين ان خلايا الدماغ تتكون في الشهر الخامس من الحمل: (Geraldine Lux Flanagan, p. 94)

النتيجة

كل هذه المعطيات التجريبية والعلمية تؤكد علی أن القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم، بل هو أكثر من ذلك بكثير، ومن هنا ندرك سر ورود القلب في ستين سورة من سور القرآن، أي أكثر من نصف السور، فهذا السبق القرآني يعني تكرار القلب وصفاته حوالي 140 مرة كالقلب السليم، والمنيب، والمخبت، والوجل، والتقي، والمهدي، والحي، والمريض، والأعمى، واللاهي، والآثم، والمتكبر، والغليظ، والمختوم، والقاسي، والغافل، والأغلف، والمغطى، والزائغ، والمريب و غيرها، معجز فريد في أسرار القلب.

وقد اعترف العديد من الأطباء الغربيين بأن الطب لايزال لا ولم يعرف القلب كما هو حقه بل الطب في هذا المجال متأخر تماما. لانهم يعجزون عن إدراك أعمال يحدث في الدماغ. انهم لا يعرفون كيف يستذكر الناس معلوماتهم. لماذا ينام الرجل؟ لماذا ينبض النبض؟ ما هو سبب ضربان القلب؟

فهم يستدلون علی أساس النتائج العلمية ولكنهم غير مطلعين في شؤون كثيرة. نحن كمسلمين عندنا حقائق قطعية في هذا المجال لانه أخبرنا القرآن الكريم قبل أكثر من أربعة عشر قرنا بان القلب مركز للعاطفة والفكر والعقل والذاكرة. في حين لا تتعدى هذه المعلومات في الغرب أكثر من ثلاثين عاما.

على الرغم من أن العلماء يعتقدون أن الدماغ هو الذي ينظم ضربان القلب ولكنهم وجدوا أن القلب الجديد بمجرد زرعه في الصدر يبدأ نبضه على الفور دون انتظار الأوامر من الدماغ. وهذا يدل أيضا على استقلال القلب من الدماغ. هذا الامر حمل البعض من الباحثين ليعتقدوا أن القلب يأمر الدماغ. لأن نشاط القلب بعد موت الدماغ لامبرر له بأي حال من الأحوال. لأنه شوهد أشخاص دخلوا في الغيبوبة لمدة سنين طوال، في حين تمت الموافقة على وفاة دماغهم. فكيف نبض القلب دون تلقي الأوامر من الدماغ؟

كتبت صحيفة خراسان الايرانية في عددها الصادر (11/15/2007 الرقم المسلسل 16845): «أن رجلا بولنديا باسم «يان كرازبسكي» في السادس والخمسين من العمر والذي كان موظفا في محطة القطار – اصطدم بقطار سنة 1988م، فدخل في الغيبوبة ولكنه بعد مضي تسع عشرة سنة خرج عن الغيبوبة». هنا نستذكر كلام نبينا المختار صلی الله عليه وآله وسلم عندما قال: (ألا إنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً إذا صَلُحَتْ صَلُحَ الجَسَدُ كُلّهُ وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألا وهي القلبُ) (بحار الانوار: ج67 ص50 ح4 ؛ الصحيح البخاري، ج1، ص530 ؛ صحيح مسلم ، كتاب المساقاة، حديث107) هذا دليل واضح علی أن نبينا ببركة الوحي الالهي سبق العلماء قبل ألف وأربعمائة سنة فأكد سماحته علی الدور الاساسي للقلب. من جهة أخرى وبالتأثر من القرآن الكريم نجد في نصوص النظم والنثر بأن الشعراء أكدوا علی القلب كمركز للشعور والفهم والمعرفة.

وفي الختام ، لا بد لنا من القول، استنادا إلى الوثائق العلمية المقدمة، واستنتاج الكاتب، استخدام القلب في القرآن الكريم والأدب العربي حقيقة غير قابلة للانكار فليس فيه مجاز بل حقيقة والله أعلم.

  

المصادر و المآخذ

– القرآن کريم.

– ابن أبي سلمى، كعب بن زهير، الديوان، تحقيق علي فاعور.، ط: 1، بيروت، دار الكتب العلمية، 1987م.

– ابن الأحنف، العباس، الديوان، شرح عمر الطباع،  ط. 1، بيروت، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، 1997م.

– ابن الرومي، الديوان، شرح اسامة حيدر.، ط: 1.، بيروت،: دار الجيل، 1998م.

– ابن‌ شهر آشوب‌، محمّد بن عليّ ، مناقب آل ابي طالب ‌، قم‌، مطبعۀ علميّۀ،  ط: 1.

– ابن عبد ربه، عقد الفريد، دار و مکتبة الهلال ، بيروت، ط:2، 1990م.

– ابن العربي، محيي الدين، الديوان، شرح نواف الجراح، ط: 1، بيروت، دار صادر، 1999م.

– الأحوص الانصاري، الديوان،  تحقيق محمد نبيل طريفي، ط:1.، بيروت، عالم الكتب، 2001م.

– الأصفهاني أبو الفرج، الاغاني، شرح عبدالله علی مهنَّا، ج9، دار الفکر، بيروت، 1407هـ.ق.

– البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي، صحيح  البخاري، شرح الدكتور مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير بيروت.

– البستاني، فؤاد افرام، المجاني الحديثة، ج 1، ط:4، بيروت، دار المشرق، 1987م.

– بهاء الدين زهير، الديوان، ط:1، بيروت، دار صادر، 1980م.

– التيموريّة، عائشة عصمت، حلية الطراز، لجنة نشر المؤلّفات التيموريّة، القاهرة، مطبعة الكتاب العربي،1952م.

– الثعالبی النيسابوري، أبو منصور ، فقه اللغة و أسرار العربية، شرح و تقديم د.ياسين الايوبي، بيروت، المکتبة العصرية 1421هـ.ق.

– الجاحظ:، عمرو بن بحر، البيان والتبيين، بيروت، دار و مكتبة الهلال، 1408هـ / 1988م.

– الجواهريّ ، محمد مهدي، الديوان ، جمع وتحقيق: الدكتور علي جواد طاهر،  بغداد.

– حافظ إبراهيم، الديوان ، تحقيق أحمد أمين وجماعته، بيروت، دار الجيل.

– الحريريّ، مقامات الحريري، ط 1، طهران، المؤسسة الثقافية للشهيد رواقي، 1364هـ.ش.

– الحليّ، صفي الدين، الديوان، شرح: الدكتور عمر الطباع، بيروت.

– الحمصيّ، نعيم، الرائد في الادب العربي، ط: 1، بيروت.

– الخنساء ، الديوان، شرح و تقديم عمر فاروق ‏الطباع، بيروت: شركة دارالأرقم بن أبي ‏الأرقم.

– الدرة، طه، محمد علي، فتح الکبير المتعال إعراب معلقات العشر الطوال ، معلقة زهير بن أبي سلمی، مطابع الروضة النموذجية، 1986م.

– دشتي، محمد، نهج البلاغة ، ط:2، قم، مؤسسة امير المؤمنين، 1379هـ.ش.

– الركابي، جودت، الادب العربي من الانحدار إلى الازدهار، دار الفكر 1403هـ ، 1984م .

– الزبيدي، مرتضی، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق مجموعة من المحققين، الناشر دار الهداية، عدد الأجزاء / 40.

– الشريف المرتضى،  الانتصار، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ،  1415هـ.ق.

– الشنفری، الديوان، تحقيق: اميل بديع يعقوب، بيروت، دار الکتاب العربي ، 1991م .

– العبسي، عنترة بن شداد ،  الديوان، تحقيق خليل شرف الدين، ط: 1، بيروت، دار و مكتبة الهلال، 1988م.

– عرقلة الكلبي، حسان بن نمير، الديوان، تحقيق أحمد الجندي، ط:1، بيروت، دار صادر،1990م.

– المتنبي، أبو الطيب، الديوان، شرح عبد الله العكبري، ط: 1، بيروت، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، 1997م.

– المجلسي، محمد باقر، بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403 ه‍ـ 1983م.

 

– مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري(206 – 261 هـ ) صحيح مسلم، المطبعة الكستلية، 1283 هـ..

– الهاشمي،أحمد، جواهر الادب، ط:13، مصر، مطبعة المقتطف، 1341هـ.ق ، 1923م.

المصادر الانترنتية

www.alamuae.org/upload/alam10/1117465845/wed2.gif

http://www.cumc.columbia.edu/news/frontiers/archives/biomed/v4n1/0010.html#top

http://www.idealibrary.com/

www.kaheel7.comموقع عبد الدائم الكحيل 

http://www.khorasannews.com/ (11/15/2007 الرقم المسلسل 16845)

www.livescience.com

www.mindpowernews.com/TransplantMemories

www.poetsgate.com/poem.php?action=view&id=10293

www.randomhouse.com/author/results.pperl?authorid=23477

www.sfgate.com

http://www.spiuk.net/ (article titled : Cellular Memory by: Malcolm Robinson in novambr 2004 

www.therealessentials.com/followyourheart.html

  

المصادر الاجنبية

-Geraldine Lux Flanagan, Beginning Life, A Dorling Kindersley Book, London, 1996.

-Kara Gavin,  University of Michigan researchers publish new findings on the brain’s -response to costly mistakes, University of Michigan, April 12 , 2006

 

-Paul P. Pearsall ,The Heart’s Code. Format: eBook:.

-Robert T. Knight, Principles of Frontal Lobe Function, Oxford University Press, 2002

 

-Solomon, Berg, Martin, Villee, Biology, Saunders College Publishing, ABD, 1993

د. يحيى معروف

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

الجاحظ وكتبه.. قصّة قصيرة

 إبراهيم أحمد بعد أن انتشر في المدينة خبرُ سقوط الكتب على الجاحظ وملازمته الفراش، قلقنا عليه كثيراً، وجدتني مع خمسة من النّسّاخين والورّاقين نزوره عصراً، في بيته البسيط المبنيّ من الحجر والطّين في ضاحية من البصرة، قريباً من شطّ العرب. كان من حسن حظي أنّني استطعت أن أجلس بجانبه في بيته البسيط الّذي ليس فيه من أثاث سوى فرش بسيطة رثّة ممدودة على الأرض، ومنضدة خشبيّة حائلة اللّون عليها إبريق ماء، وكؤوس صغيرة من الفخّار! كان بثياب بيض فضفاضة،وعمامة بيضاء مذهّبة نظيفة،وقد بانت من تحتها شعيرات شائبة، أنارت وجهه الدّاكن الأقرب للسواد، كان قد قارب المائة عام، استهلك خلالها اثني عشر خليفة عباسيّاً، كلّهم ماتوا ونسوا،بينما بقي هو الكاتب المعلّى!  كلّ من معي كان يقول: ـ  حمداً لله على سلامتك. أحدهم قال: ـ هذه الكتب الجاحدة؛ سقطت عليك وأنت صانعها! ابتسم الجاحظ  قائلاً: ـ  لا، هذه الكتب الورقيّة سقطت عليّ، ولم تؤذني، ما سقط عليّ وآذني كتب أخرى! وسط دهشتنا جميعاً، قلتُ: ـ كيف؟ لم أفهم يا سيّدي! ـ الكتب الّتي في داخلي هي الّتي سقطت فوق رأسي! دهشت ،أكثر، بقيت أتطلّع إلى وجهه الّذي يقولون إنّه دميم؛ بينما أنا أراه من أكثر وجوه النّاس لطفاً وبشاشةً؛أريد منه أن يقول المزيد، فحديثه متعة للقلب حتّى لو كان حزيناً! رفع صوته ليسمع الآخرين معي: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *