يا أنت يا وطني..

دَعْهَا تُرتّلُني على أهدابِها ظِلّاً..
وَدَعْنِي ههنا أتهجّأُ القُبُلاتِ فوق شفاهِهَا طفلاً..
وَسَيْلاً من حنينْ
حَتَّامَ تحرقُني بنار الهَجْرِ..؟
تُتْقِنُنِي الجهاتُ حقيبةً مِنْ ماءِ وجهي جِلْدُهَا..
زوّادةً عَجفاءَ إلّا مِنْ أنينْ؟!
ما أتعس الإنسان مُحْتَضَرَاً بلا جدوى على الطّرقاتِ،
تُنْكره عُيونُ العابرين!
ما أقبح الإنسان يَنْتَعِلُ الجَبِيْنْ!
يا أنتَ يا مَنْ ليس تَبْرَحُنِي تُرَى؛
مازلتَ تذكرُني؟
وهل مازلتَ ترعى ذمّةً للغائبينْ؟
يا فتنةً للناظرينْ
يا لذّةً للشاربينْ
يا كلَّ ما في جنّةِ الفردوسِ مِنْ وَرْدٍ، ومِنْ وِرْدٍ مَعِيْنْ
يا أنتَ يا وطني الّذي..
حتّى الحجارةُ فيكَ ينبضُ قلبُها كالياسمين

  • محمد عارف قسوم

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

الجاحظ وكتبه.. قصّة قصيرة

 إبراهيم أحمد بعد أن انتشر في المدينة خبرُ سقوط الكتب على الجاحظ وملازمته الفراش، قلقنا عليه كثيراً، وجدتني مع خمسة من النّسّاخين والورّاقين نزوره عصراً، في بيته البسيط المبنيّ من الحجر والطّين في ضاحية من البصرة، قريباً من شطّ العرب. كان من حسن حظي أنّني استطعت أن أجلس بجانبه في بيته البسيط الّذي ليس فيه من أثاث سوى فرش بسيطة رثّة ممدودة على الأرض، ومنضدة خشبيّة حائلة اللّون عليها إبريق ماء، وكؤوس صغيرة من الفخّار! كان بثياب بيض فضفاضة،وعمامة بيضاء مذهّبة نظيفة،وقد بانت من تحتها شعيرات شائبة، أنارت وجهه الدّاكن الأقرب للسواد، كان قد قارب المائة عام، استهلك خلالها اثني عشر خليفة عباسيّاً، كلّهم ماتوا ونسوا،بينما بقي هو الكاتب المعلّى!  كلّ من معي كان يقول: ـ  حمداً لله على سلامتك. أحدهم قال: ـ هذه الكتب الجاحدة؛ سقطت عليك وأنت صانعها! ابتسم الجاحظ  قائلاً: ـ  لا، هذه الكتب الورقيّة سقطت عليّ، ولم تؤذني، ما سقط عليّ وآذني كتب أخرى! وسط دهشتنا جميعاً، قلتُ: ـ كيف؟ لم أفهم يا سيّدي! ـ الكتب الّتي في داخلي هي الّتي سقطت فوق رأسي! دهشت ،أكثر، بقيت أتطلّع إلى وجهه الّذي يقولون إنّه دميم؛ بينما أنا أراه من أكثر وجوه النّاس لطفاً وبشاشةً؛أريد منه أن يقول المزيد، فحديثه متعة للقلب حتّى لو كان حزيناً! رفع صوته ليسمع الآخرين معي: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *