في وحشة اللّيل..

في وحشةِ اللّيلِ أسرى بالجوى أَلَمِي
فكانَ يعـرجُ نحوَ الله طفــــــــــــلُ دَمِي

وكنتُ أشــــــتاقُ إنْ أضلاعيَ ارتجـفتْ
حِضْنَاً أذوبُ به كالنـايِ في النَّغَـــــــــمِ

مُذْ غابَ حنّتْ لطعمِ الماءِ ســـــــــنبلةٌ
وكنتُ نهــــراً لنهــــــرٍ في يديهِ ظَمِـيْ

يفورُ دمعي على القضبــــــانِ محترقـاً
وتشـهقُ الرّيحُ ملءَ الكـونِ في رَحِمِيْ

بِيْ حُزْنُ أمٍ على طفــــلٍ سـيسألُها:
عن مَلْمَسِ الرّملِ إنْ غارتْ به قدمي!

أقولُ للريحِ: إنَّ ابني ســــــــــيمنحهـا
سِــــــــرّ الضّيـاء وإنْ ألقَوهُ في الظُلَـمِ

تعيشُ يا ابْنِي كبيـــــراً في البـلادِ فلا
تحبسْ جنونَـكَ، حُـرٌّ أنتَ في الحُلُــــمِ

أطلِقْ عصافيَركَ الخضـــــــــــراءَ أغنيةً
لترسـمَ الحبَّ مجدولاً على العَلَــــــمِ

في القدسِ ينطقُ مَنْ في المهدِ كلُّهمُ
وينجبُ النّخـــــــــــــــلُ آلافاً من القِمَمِ

……………………………………………………

أَيَا ليلُ خفّفْ خياطتَكَ الآنَ
(قلبي)
ودعْ غَرْزَةً للصباحْ

يُعذّبني جـــدولٌ لا يغنّي
ونايٌ بجرحِ المحبّيـنَ فاحْ

وعطرٌ بنا جَرّحُوا ســحرَهُ
فأطلقَ في رئتينا الجراحْ

……………………………………………………

وأنا .. أنا
قلبٌ يحبُّ غزالةً قفزتْ على وقعِ المطرْ
ويخافُ رشاشاً يغازلها 
وذئباً يشتهي العشاقَ
موتى
وأخافُ من خوفي
الّذي يزدادُ صمتا

……………………………………………………

أنا مُشْرَعٌ قلبي، فكيفَ سـأُغلقُهْ
ويَدٌ من المطرِ الجميـــــــلِ تُعَتِّقُهْ

نهرٌ ســـَــــمَاويٌ يُضيءُ بمقلتيْ
وإذا يفيضُ الحُبُّ لســــتُ أطوّقُهْ

نصفي فراشاتٌ، ونصفي شمعةٌ
وأنا الّتي نصفي لنصفي يحرقُـهْ

  • آلاء القطراوي – فلسطين

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

الجاحظ وكتبه.. قصّة قصيرة

 إبراهيم أحمد بعد أن انتشر في المدينة خبرُ سقوط الكتب على الجاحظ وملازمته الفراش، قلقنا عليه كثيراً، وجدتني مع خمسة من النّسّاخين والورّاقين نزوره عصراً، في بيته البسيط المبنيّ من الحجر والطّين في ضاحية من البصرة، قريباً من شطّ العرب. كان من حسن حظي أنّني استطعت أن أجلس بجانبه في بيته البسيط الّذي ليس فيه من أثاث سوى فرش بسيطة رثّة ممدودة على الأرض، ومنضدة خشبيّة حائلة اللّون عليها إبريق ماء، وكؤوس صغيرة من الفخّار! كان بثياب بيض فضفاضة،وعمامة بيضاء مذهّبة نظيفة،وقد بانت من تحتها شعيرات شائبة، أنارت وجهه الدّاكن الأقرب للسواد، كان قد قارب المائة عام، استهلك خلالها اثني عشر خليفة عباسيّاً، كلّهم ماتوا ونسوا،بينما بقي هو الكاتب المعلّى!  كلّ من معي كان يقول: ـ  حمداً لله على سلامتك. أحدهم قال: ـ هذه الكتب الجاحدة؛ سقطت عليك وأنت صانعها! ابتسم الجاحظ  قائلاً: ـ  لا، هذه الكتب الورقيّة سقطت عليّ، ولم تؤذني، ما سقط عليّ وآذني كتب أخرى! وسط دهشتنا جميعاً، قلتُ: ـ كيف؟ لم أفهم يا سيّدي! ـ الكتب الّتي في داخلي هي الّتي سقطت فوق رأسي! دهشت ،أكثر، بقيت أتطلّع إلى وجهه الّذي يقولون إنّه دميم؛ بينما أنا أراه من أكثر وجوه النّاس لطفاً وبشاشةً؛أريد منه أن يقول المزيد، فحديثه متعة للقلب حتّى لو كان حزيناً! رفع صوته ليسمع الآخرين معي: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *