الرئيسية / شارع الثّقافة / بين الاستثمار والاستحمار

بين الاستثمار والاستحمار

لا تحدّثني عن ثروةِ أيّ بلدٍ، وأهلُه مشحونون بالحقدِ والعنصريّةِ والمناطقيّة والجهلِ والحروب..

 (نيجيريا) من أكثر البقاع غِنَىً بالثروات والمعادن، ومن أكبر دول العالم المصدّرة للبترول، ولكنْ؛ انظر إلى حالها ووضعها! والسّبب أنّ الإنسانَ فيها مشبعٌ بالأحقادِ العرقيّةِ ومُحَمَّلٌ بالصراعات.. فيما سنغافورة البلد الّذي بكى رئيسُه ذات يوم لأنّه رئيسُ بلدٍ لا تُوجد فيه مياهٌ للشرب! اليوم يتقدّم هذا البلد على اليابان في مستوى دخل الفرد..!

في عصرنا الحاليّ الشّعوبُ المتخلّفةُ فقط هي الّتي مازالت تنظر لباطن الأرض، وما الّذي ستستخرجه كي تعيش، في الوقت الّذي أصبح الإنسانُ هو الاستثمار النّاجح والأكثر ربحاً…

هل فكّرتَ وأنتَ تشتري (تلفون جلكسي) أو (آيفون) كم يحتاج من الثّروات الطّبيعيّة لصناعته؟ ستجد أنّه لا يكلّف دولاراً واحداً من الثّروات الطّبيعيّة.. غرامات بسيطة من الحديد وقطعة زجاج صغيرة وقليل من البلاستيك، ولكنّك تشتريه بمئات الدّولارات.. تتجاوز قيمتُه عشرات براميل النّفط والغاز، والسّبب أنّه يحتوي على ثروة فكريّة تقنيّة من إنتاج عقول بشريّة!

هل تعلم أنّ إنساناً واحداً مثل (بل غيتس) مؤسّس شركة مايكروسوفت يربح في الثّانية الواحدة 226 دولاراً.. بمعنى أنّ كلّ ما يملكه اليمن ودول الخليج من احتياطيّ للثروات لن يستطيع مجاراة شركةٍ واحدةٍ لتقنيّة حاسوب!

هل تعلم أنّ أثرياء العالم اليوم ليسوا أصحابَ حقولِ النّفط والثّرواتِ الطّبيعيّةَ، وإنّما أصحاب تطبيقاتٍ بسيطةٍ على جوالِك؟

 هل تعلم أنّ أرباحَ شركةٍ مثل (سامسونج) في عام واحد 327 مليار دولار، وأنّنا نحتاج لمائة سنة لنجمع مثل هذا المبلغ من النّاتج المحليّ..!

أخي في الشّمال أو الجنوب.. في الشّرق أو الغرب من الوطن العربيّ.. أيّها الواهم بأنّ لديك ثروةً ستجعلُك في غنىً دون الحاجة إلى عقلِك دع عنك أوهامَكَ، فلا ثروة مع عقليّة الثّور..

هُزِمَت اليابان في الحرب العالميّة الثّانية، وفي أقلّ من خمسين عاماً انتقمت من العالم بالعلم والتّقنيّة، وبقي الأغبياء يسألونك عن مذهبِكَ أو من أيّ قبيلةٍ أنت…؟ ويلحّون على تصفية حسابات لأحداث جرت قبل آلاف السّنين بدلاً من الإيجابيّة والتّميّز والنّظر إلى المستقبل وإطلاق سراح الإبداع.

د. فاروق القاسم – عالم جيولوجيّ عراقيّ الأصل نرويجيّ الجنسيّة.

 

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

جائحة كورونا اللّغويّة

ماريانّا ماسّـا – إيطاليا منذ أن اجتاح وباء الفيروس التّاجيّ الكوكب وغيّر إيقاع الحياة فيه، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *