قصّةُ حُلم

مـَـرَقَ العمــرُ مســـرعاً وأنـــا    أرقبُ فيـهِ نجمـــاً بغيــرِ مَــــدارِ

خدعتني في الكونِ عينٌ أرتني    محضَ وعدٍ يعودُ محضَ انتظارِ

وكبتْ خمسـونَ ظمــأى بـدربٍ    كــلُّ شبــرٍ فيهِ يفيضُ (بَراري)

كنتُ من تَيهِهـــا أَفـــرُّ لنفسي     ثمَّ تــاهتْ فصــارَ منّي فِــراري

غيرَ دارٍ مــاذا أُريدُ سِـوى ما     بتُّ أَدريـــهِ أنني غيـــــــــرُ دارِ

كــانَ أمـــرٌ ولحظـــةٌ ومكــانُ     وإذا بي أَصــوغُ منها اختِباري

بلي الثــــوبُ دهشــةً أنني أكْـســــوهُ جلـــدي وأنّني منــهُ عــــــارِ

ضعتُ وحدي على رصيفِ المحطّـــاتِ وقد ضــاعَ فيّ ألفُ قِطارِ

جنَّتي في الرّمادِ إذْ حسبُ مِثلي   من نعيـــمٍ أنْ تنطفي فيَّ نــاري

إنْ تكنْ غَلطتي حياتي – ولو لم   أرتكبْها – فإنَّ موتـي اعتِــذاري

لستُ مـــا بينَ ذي وذا وهُمــا حَتْــمٌ وحتفٌ إلّا فمي واضطـراري

ســـرقـــا منّي الزْمانَ ولكــــنْ    حَبســاهُ مـــا بينَ قبـري وداري

فحــــرُوفي آلتي تكسْـــرتِ آلريــــحُ عليهــا… غداً تكونُ مَزاري

 محمّد حسين آل ياسين 

عن Mr.admin

شاهد أيضاً

الجاحظ وكتبه.. قصّة قصيرة

 إبراهيم أحمد بعد أن انتشر في المدينة خبرُ سقوط الكتب على الجاحظ وملازمته الفراش، قلقنا عليه كثيراً، وجدتني مع خمسة من النّسّاخين والورّاقين نزوره عصراً، في بيته البسيط المبنيّ من الحجر والطّين في ضاحية من البصرة، قريباً من شطّ العرب. كان من حسن حظي أنّني استطعت أن أجلس بجانبه في بيته البسيط الّذي ليس فيه من أثاث سوى فرش بسيطة رثّة ممدودة على الأرض، ومنضدة خشبيّة حائلة اللّون عليها إبريق ماء، وكؤوس صغيرة من الفخّار! كان بثياب بيض فضفاضة،وعمامة بيضاء مذهّبة نظيفة،وقد بانت من تحتها شعيرات شائبة، أنارت وجهه الدّاكن الأقرب للسواد، كان قد قارب المائة عام، استهلك خلالها اثني عشر خليفة عباسيّاً، كلّهم ماتوا ونسوا،بينما بقي هو الكاتب المعلّى!  كلّ من معي كان يقول: ـ  حمداً لله على سلامتك. أحدهم قال: ـ هذه الكتب الجاحدة؛ سقطت عليك وأنت صانعها! ابتسم الجاحظ  قائلاً: ـ  لا، هذه الكتب الورقيّة سقطت عليّ، ولم تؤذني، ما سقط عليّ وآذني كتب أخرى! وسط دهشتنا جميعاً، قلتُ: ـ كيف؟ لم أفهم يا سيّدي! ـ الكتب الّتي في داخلي هي الّتي سقطت فوق رأسي! دهشت ،أكثر، بقيت أتطلّع إلى وجهه الّذي يقولون إنّه دميم؛ بينما أنا أراه من أكثر وجوه النّاس لطفاً وبشاشةً؛أريد منه أن يقول المزيد، فحديثه متعة للقلب حتّى لو كان حزيناً! رفع صوته ليسمع الآخرين معي: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *