سيّدة الشّمس..

ذاع صيتُها في أوساط الغرب العلميّة بشكلٍ كبيرٍ جدّاً، وقد استطاعت انتزاعَ لقبِ “سيّدة الشّمس” دون منازع، وهي الّتي ظلّت مشغولة بالشّمس وماهيّتها وبرياحها..

تلك هي عالمةُ الفيزياءِ والفلكِ السّوريّةُ البروفيسورة شادية رفاعي حبّال الّتي أنجزت الكثيرَ من الأبحاث والدّراسات خلال سنوات عملها كباحثةٍ في المركز الوطنيّ لأبحاثِ الغلافِ الجوّيِّ في بولدر بدايةً، ثمّ باحثة في مركز فيزياء الفضاء التّابع لجامعة هارفارد قبل انتزاعها كرسيّ الأستاذيّة في جامعة ويلز، ثمّ محرّرة مجلة البحوث الجيوفيزيائيّة في قسم الفضاء، فضلاً عن أعمالها العلميّة البحثيّة المتميّزة ذات الصّلة برصد عمليّة كسوف الشّمس ودراسة الهالة الشّمسيّة، والدّور المهمّ الّذي قامت به في التّحضير لرحلة المسبارِ الشّمسيِّ لوكالة ناسا، والّذي يعدّ المركبة الفضائيّة الأولى الّتي تدور داخل هالة الشّمس وتقترب منها.
ولدت البروفيسورة حبّال في حمص، وفي مدارسها تلقّت المراحل التّعليميّة الأولى، ومن جامعة دمشق حصلت لاحقاً على درجة البكالوريوس في علوم الفيزياء والرّياضيّات، لتلتحق إثر ذلك بالجامعة الأمريكيّة في بيروت وتنال درجة الماجستير في الفيزياء.. ومن ثمّ تحصل على درجة الدّكتوراة في الفيزياء من جامعة سنسناتي في ولاية أوهايو الأمريكيّة عام ١٩٧٧
في عام 1978م التحقت شادية بمركز هارفارد سميث سونيان للفيزياء الفلكيّة  (Harvard-Smithsonian Center for Astrophysics) حيث قامت بتأسيس مجموعة أبحاث عالميّة في الفيزياء الشّمسيّة الأرضيّة، وذلك قبل تعيينها أستاذةَ كرسيٍّ في قسم الفيزياء بجامعة ويلز في أبريستويث.
تركّزت أبحاث الدّكتورة شادية على استكشاف مصدر الرّياح الشّمسيّة، والتّوفيق بين الدّراسات النّظريّة ومجموعة واسعة من عمليّات المراقبة الّتي أجرتها المركبات الفضائيّة وأجهزة الرّصد الأرضيّة.

وقد اعتُبرت أبحاث العالمة السّوريّة حول الرّياح الشّمسيّة بمثابة “قنابل متفجّرة” عند طرحها للمرّة الأولى، حسب تعبير مجلة العلوم الأمريكيّة، إذ أطاحت أبحاث شادية وزملائها بالتصوّرات الّتي كانت سائدة عن الرّياح الشّمسيّة، فقد أكّدت بأنّ الرّياح تأتي من كلّ مكان في الشّمس، وتتوقّف سرعتها على الطّبيعة المغناطيسيّة للمواقع المختلفة..
 تقدّمت البروفيسورة حبّال بنحو 60 ورقة بحثيّة لمجلّات التّحكيم العلميّة، كما شاركت بثلاثين بحثاً آخر في المؤتمرات العلميّة، وتعدّ من الخبراء الدّوليّين الأكثر تميّزاً في مجالي الشّمس والرّياح الشّمسية، وهي عضو في عددٍ من الجمعيّات العلميّة العالميّة مثل: الجمعيّة الفلكيّة الأمريكيّة، والجمعيّة الأمريكيّة للفيزياء الأرضيّة، وجمعية الفيزيائيّين الأمريكيّين، وجمعيّة النّساء العالمات، والجمعيّة الأوروبيّة للفيزياء الأرضيّة، والاتّحاد الدّوليّ للفلكيّين، وتتمتّع البروفيسورة حبّال أيضاً بدرجة الزّمالة في الجمعيّة الملكيّة للفلكيّين.
 كذلك تميّزت حبّال بمهارتها في الجمع بنجاحٍ بين واجباتها الأسريّة من رعاية أطفالها والقيام بحقّ الزّوجيّة وبين التّدريس والبحث العلميّ وقيادة الفرق العلميّة والنّشاط الأكاديميّ، وكانت مثالاً للعالِمة المتميّزة والزّوجة المثاليّة والأمّ الرّؤوم..
وما تزال الدّكتورة رفاعي حبّال تشغل منصب أستاذةِ كرسيٍّ في قسم الفيزياء بجامعة ويلز في أبريستويث، إضافة إلى رئاستها للجنة جائزة هالي التّابعة لقسم الفيزياء الشّمسيّة في الجمعيّة الفلكيّة الأمريكيّة، وعملها محرِّرة لمجلّة فيزياء الفضاء وأبحاث الفيزياء الأرضيّة. وقد تمّ تكريمها مؤخّراً بمنحها درجة أستاذة زائرة في جامعة العلوم التّقنيّة في الصّين؛ ليضاف  هذا التّكريم إلى جملة التّقديرات العلميّة الكثيرة الّتي أحرزتها..